خلال الفترة الماضية انتشرت ظاهرة بيع الدواء دون وصفة طبية، وانتزع بعض الصيادلة دور الطبيب ليشخص الداء، ويعطي الدواء، بناءا على ماذا؟، في بعض الأوقات على الأعراف الشائعة بين أهل الأدوية، وأحيان أخرى بناءا على تصورات وأفكار مسبقة.

ولكن، لأنه "ليس في كل مرة تسلم الجرة"، فقد وصلت بعض الحالات الحرجة حد المستشفيات بسبب التشخيص الخاطئ من قبل بعض الصيادلة، وحجة الصيدلي بأنه مسموح له إعطاء المريض أدوية المضادات الحيوية في حالات الرشح والكريب، وللزبون حجته أيضاً بأن أجور الطبيب مرتفعة، ما يبرر له شراء الدواء من الصيدلية بالمال الذي كان سيدفعه للطبيب، ومابين تلك الحجة والأخرى ضاعت حياة العديد من المرضى، والمسبب في كثير من الأحيان شخص لا يمت للصيدلة بصلة بل عامل مؤقت في تلك الصيدلية.

"طاسة ضايعة"!!

في هذا الوقت، ثمة كثيرون مدافعون عن حجة المرضى خلال الأزمة الحالية التي تعيشها البلاد، والأجور المرتفعة للأطباء، بالإضافة إلى الساعات الطويلة التي يضطر المريض لقضاءها في سبيل الوصول إلى الطبيب المعالج، ومع هذا لا بد من الإشارة إلى وجود بعض الممارسات السلبية التي يقوم بها الصيدلاني من أجل منفعته، فحيناً يعتذر عن عدم توفر الدواء الموجود في الوصفة الطبية، ويعرض على المريض بديلاً له، وأخرى يتذرع بأن الدواء مقطوع من الصيدليات كافة، مع العلم أنه يكون موجوداً في صيدلية لا تبعد أمتاراً قليلة عنه، بنقص الدواء الموصوف من الشركة الأم، أو أن يقترح دواء آخر مماثلاً في الأثر الطبي الموصوف من أجله، بهدف التخلص من هذه النوعية من الأدوية المتراكمة لديه، ولا تجد مشترياً، عازياً السبب لسعرها المرتفع، أو لضعف فاعليتها العلاجية، وطبعاً كل هذا دون أن يكون البديل مناسباً في أغلب الأوقات وهنا "تضيع الطاسة"!.

مريض ملام.. أيضاً!

بكل الأحوال، لا يمكن إلقاء اللوم وحده على الصيدلي، فثمة ملامة على المريض أيضاً المستهتر بصحته في أغلب الأحيان، خاصةً مع العلم أنه لا يوجد دواء آمن تماماً، وتناوله دون استشارة طبيب قد يعرض المريض للكثير من المخاطر، ولهذا يجب تجنّب شراء الأدوية من دون وصفة طبية مهما كانت الحالة المرضية، مع العلم أنه يوجد نوعان للأدوية؛ الأول لأمراض نوعية تصرف عن طريق وصفات تسمى وصفات الأمراض المزمنة، حيث يتكرر صرف الوصفة التي كتبها الطبيب من قبل المريض شهرياً، أما النوع الثاني فهي الأدوية التي تحتوي على بعض المضادات الحيوية ومضادات الحساسية للأمراض الحادة والموسمية مثل أمراض الكريب والرشح والتحسس، إذ يحق للصيدلي بيع هذه الأدوية دون وصفة طبية.


رقابة دوائية نائمة!

مابين الملامة التي تقع على المريض والصيدلي، لا يمكن إغفال الحق على الجهات الرقابية المعنية في الموضوع، حيث من الممكن لبعض الصيادلة أن يقوموا بصرف دواء من دون وصفة مثل الأدوية النفسية والعصبية وأدوية الضغط، والتي قد تؤدي إلى حدوث حالات شكّل فيها تدخل الصيدلي خطراً على حياة المريض، لكن، على الجهات الرقابية العمل من أجل المحافظة مسؤولية مزاولة مهنة الصيدلة من قبل غير الخريجين، كما يجب على هذه الجهات مراقبة الصيدليات، ومن يعمل بها.

في هذا الوقت، تشير وزارة الصحة إلى وجود لجان مشتركة من ممثلين عن وزارة الصحة، ونقابة الصيادلة، مهمتها الكشف على الصيدليات بشكل دوري، وفي حال ثبوت مخالفة أحد الصيادلة من ناحية عدم الالتزام بالدوام، أو مزاولة المهنة من غير خريجي الصيدلة، أو صرف الدواء من دون وصفة، أو التلاعب بالأسعار، فيتم توجيه الإنذار إليه مع تنبيهه، وفي حال عدم الالتزام بالإنذار، وعدم تواجد الصيدلي ضمن صيدليته، تتم إحالته إلى مجلس تأديبي، وفي حال عدم الالتزام يتم رفع كتاب إلى وزارة الصحة لاتخاذ الإجراءات القانونية، ومنها تشميع الصيدلية بالشمع الأحمر.

العلة في آجار الصيدلية!

بسبب الأحداث التي تعيشها البلاد، وهجرة العديد من الأطباء والصيادلة، انتشرت مؤخراً ظاهرة تأجير أو استئجار شهادة الصيدلة أو الصيدلية، وفي هذا الأمر تقع العديد من الأخطاء سواء في صرف الأدوية الموجودة في الوصفة الطبية، أو حتى وصف دواء من دونها، ما أدى إلى حدوث أخطاء لا تغتفر في مهنة الصيدلة، كإعطاء أدوية خاطئة، أو صرف العلاج دون وصفة طبية، وهنا لا بد من الإشارة إلى ضرورة تحديث بعض القوانين والأنظمة المتعلقة بمزاولة مهنة الصيدلة، واتخاذ قرارات جديدة للحد من المخالفات.




إقرأ أيضا أخبار ذات صلة