يخسر (لوبي) المهربين في سورية أكثر من 665 مليون ليرة يومياً، من جراء عمل الجمارك، وهذا ليس سوى الجزء الظاهر من جبل الجليد العائم ، فالواضح أن هناك تقصير ورغبة كبيرين، في بقاء الجمارك أو غيرها من المؤسسات، تتعامل بحنية مفرطة مع هذا اللوبي.

مازالت أعمال هذا اللوبي تزدهر، بملاءة مالية ضخمة، وتنبع قوته من أرباحه الكبيرة جداً، التي لا تأكلها مُصادرات جمركية، ولا تهزها حملات مكافحة التهريب. رغم أن الجمارك، حققت ايرادات، وصلت إلى 159.7 مليار ليرة، شملت غرامات القضايا ومخالفات البيانات، في أول ثمانية أشهر من العام الماضي.

ويمكن قراءة الايرادات بشكل منصف، على أنها حصيلة غير مجزية للدولة، أو بمعنى دقيق أن خزانة الدولة أخذت من (الجمل أذنه) لأن أعمال التهريب أوسع، وأرباحها أكبر بكثير، بدليل الزيادة المضطردة في التحصيلات الجمركية بنسبة 266% خلال الفترة 2010/2017، فيما البضائع المهربة تملأ الأسواق.

يؤسس التغاضي الجمركي، وتراخي المؤسسات المعنية، للشراكة مع اللوبي المذكور. وحتى لا يبقى الكلام عاماً، نذكر فقط كلام وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عبد الله الغربي، خلال اجتماع حكومي عقد أواخر تشرين الثاني 2016 تناول واقع الجمارك العامة، والذي قال فيه: “رأيتهم بأم العين (يقصد عناصر الضابطة الجمركية) يرافقون السيارات في بعض المناطق التي تهرب الأغنام والماعز والبيض والفروج وغيرها عبر المنافذ الحدودية، وتعود محملة بالحديد والصويا وغيرها”. حتماً الخافي أعظم هنا، وهذا الموقف يجعل من إلقاء القبض على عشر دجاجات دخلت البلاد تهريباً، أقرب إلى الفضيحة.

وعلى ما يبدو أن الاجتماعات التي عقدها رئيس الحكومة، وتناولت عمل الجمارك، واصراره على عدم حماية أحد، مازالت مجرد اجتماعات، وحبرها جف دون نتائج مرضية. فالبضائع التركية المهربة، التي قُطِّعت وعود لمعالجتها جذرياً، مازالت أسواقنا تستقبلها بكرم حاتمي وجمركي منقطع النظير. هذا الملف الحساس ببضائعه، يشكل صفعة للمواطن السوري، الذي لديه موقف سياسي من النظام التركي، برغم أن القرارات واضحة في هذا الشأن، وأن اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين ملغاة.

القوة الخارقة لعناصر الجمارك، تتهاوى أمام أطنان المواد الغذائية والألبسة والمنسوجات والأدوية وقطع التبديل .. الخ المهربة، وبعضها يتصدر واجهات المحلات.

في فترة سابقة، دخلت إلى السوق المحلية مياه الشرب المعدنية تهريباً، ومن أجل لملمة الموضوع، أثيرت قضية بأن هذه المياه ملوثة، وبدلاً من تركيز الجهود على سحب عبوات المياه المهربة، ذهبت التوجهات إلى التأكد من صلاحية هذه المياه للشرب!

حان الوقت للتخلص من إرث التهريب المقيت، وتنظيف الأسواق المحلية من المهربات. والكرم الطائي الذي نعامل به المهربات، آن له أن ينتهي، فالخسارة المزدوجة، بتضييع موارد لخزانة الدولة، وشرعنة منافسة غير عادلة في الأسواق المحلية، هي أكبر عدو يهدد المنتجات المحلية. لكن من يجرؤ على الاقتراب من لوبي المهربين، وتحويله لقطاع لا يعمل في الظل؟




إقرأ أيضا أخبار ذات صلة