حين وجهنا لوزير الصناعة المهندس محمد معن زين العابدين، سؤال صريحا ومباشرا، هل أعطيتم الضوء الأخضر لمعالجة مشكلات القطاع الصناعي العام، وإمكانية اتخاذ القرار الصحيح للنهوض بواقعه المتردي، وما يعتريه من خلل وسوء إدارة وتشغيل وتصريف…؟، لم يكن رده بالمثل، إنما اختار التلميح المبهم وفق مقولة نريد العنب لا قتل الناطور، علما أن قتل الناطور قد أزف وقته، خاصة وأن هناك ملفات أذهلت الوزير حين طالعها ولا يزال يدرسها بتأني، حسب تعبيره وتقييمه لها…!.

نترك تلك الملفات التي أذهلت سيادته، وهو الصناعي المعتق أصلا..، وصاحب الخبرة والتجربة العميقة والغنية..، والموقف الوطني المشهود له به..، وهي ميزات ومزايا لعلها كانت سببا مباشرا في تزكيته لحمل هذا الحقيبة الصناعية الثقيلة بإرثها وموروثها، عبر تكليفه وليس تشريفه بالمنصب الوزير ليقود دفة قطاعنا الصناعي العام إلى أكثر من بر الأمان..، وهنا يمكن التوقع والتفاؤل إلى أن ما يُؤمل للقطاع ويراهن عليه..، قد وضع على بداية السكة الصحيحة، ولعل المؤشرات الأولية تبرر ما نتفائل به على يد الإدارة الجديدة لوزارة الصناعة.

نترك تأجيلا لا إسقاطا، تلك الملفات الهامة كي تنضج..!، لنكشف عما لم يرد كشفه مستضيفنا، وتحديا في ملف تكدُّس المخازين في عدد من شركات مؤسسات قطاعنا الصناعي العام، والبالغ قيمتها بحسب مصادر مطلعة نحو 69 مليار ليرة سورية.

الرقم الأنف الذكر، فضل الوزير عدم إعلامنا به..!؟، علمنا أننا صارحناه بوجوده لدينا..، إلاَّ أنه لم يشأ أن يؤكد أو ينفي ذلك على السانه..!؟، علمنا أننا بيَّنا وأوضحنا له الهدف من ضرورة قوله للرقم..، وهو أن الاكتفاء بذكر ما تم تسويقه بعد تسلّمه رأس هرم إدارة الوزارة، دون التصريح عن الرقم الإجمالي لقيمة المخازين، لا يعكس أي معنى ولا يظهر أن هناك أي تحسن أو تغيير إيجابي، في ملف المخازين، وبالتالي ستكون الرسالة الصناعية ( للداخل والخارج )عرجاء، غير مقنعة ولن تحقق أثرا تطمينينا لقطاع المال والأعمال الصناعي وخاصة الوطني، سواء داخليا أو خارجيا..، وهذا لا يصب في مصلحة ما نعلنه من دعم وتسهيل وو..، حكومي للصناعة السورية الوطنية…

مع ذلك فضل الوزير الاكتفاء بإعطائنا رقم ما حققوه من تصريف للمخزين منذ بداية العام وحتى 21-2 من العام الجاري، وفاجأنا صراحة حين بين عذره أنه لا يريد الفتنة !؟..بل العمل.. وفق القول المأثور: وأعملو…وأن الخير…..!.

استطاعوا وبكل ما تعني كلمة استطاعة من معنى ومدلولات، لها ما لها من مفعول رجعي، يشي بما كان يحدث أو بالأصح يُرتكب بحق قطاعنا الصناعي العام..، تصريف ما قيمته نحو 4 مليارات ليرة سورية، أي 4  من أصل 69 مليار ليرة..، وهذا مؤشر مبشر ومحفز جدا..، يدعم تفاؤلنا…

لكن..، وكما يقول المثل العامي: هنا حطنا الجَّمَال ، وفي سياق ما ردده الوزير نفسه بمعنى من ليس له قديما ليس له جديدا، ومن منطلق حرصنا على النتائج التي نخاف ألاَّ تكون كما تشتهي حكومتنا وقطاعنا العام ويشتهيه أيضا الوزير، نقول: إن ما بحوزتنا من بيانات وإحصائيات وأرقام وزارية، لتوزع المخزين المكدسة في المستودعات، في عدد من شركات القطاع الصناعي العام، تكشف أن هناك أمرا يثير الريبة والشبهات بوجود الفساد.        

لا نتهم بل هكذا يشي ما بأيدينا من وثائق، واليكم إياها…

تحت عنوان في مجال تصريف المخازين ، نجد أن من أعدَّ بيانات ذلك، قد ذكر صراحة مخازين الغزول القطنية والأقمشة والمناديل الورقية وذكر كمياتها وقيمها، ومقدار التخفيض ( التراكمي) بالأطنان والمبالغ، وهي كالآتي: كمية المخازين: غزول 13395 طنا بقيمة 15.570.527 مليار ليرة، أقمشة 10495396 مترا قيمتها 5.138.715 مليار ليرة ، محارم كنار 30 ألف صندوق وقيمتها 80 مليون ليرة، أي ما مجمله 20.789.242 مليار ليرة. أما ما تم تصريفه منها ودون الدخول بتفاصيل الكميات، فبلغ قيمته الإجمالية 2.348.518 مليار ليرة.

وهذا ما تم بالنسبة لمخازين الشركة السورية للألبسة الجاهزة ( وسيم )، أي تم ذكر كميات المخازين وقيمها وكميات التخفيض، بتاريخ 30-11- 2018..، وهي كالأتي: كمية المخازين: 78722 قطعة قيمتها 194.228 مليون ليرة، كمية التخفيض: 24725 قطعة قيمتها 61.244  مليون ليرة.

لكن وهنا حطنا الجمال، حين نطالع بيانات المخازين الغذائية والطبية، نستغرب عدم وجود قيمتها الإجمالية والتفصيلية..!، والاكتفاء بذكر كمياتها، والكمية التي تم تصريفها وقيمتها فقط..!؟، علما أن أنها ( أي القيم.. ) ذكرت في الغزول..، والألبسة..!.

ونظرا لتعمد عدم ذكر قيمة المخازين ( الغذائية والطبية ) والاكتفاء بذكر كمياتها..، واستنادا لما بحوزتنا من رقم أجمالي لكل المخازين والمذكور أعلاه وهو 69 مليار ليرة، قمنا بعملية حسابية بسيطة لنحصل على قيمة المخازين الغذائية والطبية، فكانت النتيجة 45.096.550 مليار ليرة…!!!، تم تصريف ما قيمته 1.906.037  مليار ليرة، ليكون أجمالي ما صرَّفته الوزارة من مخازين في القطاعات الثلاث المذكورة 4.405.799 مليار ليرة، من بداية العام الحالي وحتى 21 من شهر شباط الجاري، وهذا ما لم يكن بالمستطاع قبلاً..!؟.

المريب الغريب..- وهنا مربط الفرس – أن مخازين الغذائية والطبية، هي مواد ومنتجات مطلوبة وبشدة في السوق وهي ولا مجال لذكر الكميات التفصيلية: ( البزلاء، زيت بذور القطن، كبسة بذور القطن، زيت عباد الشمس، قشور بذور القطن، أربطة طبية، قطن طبي، سكر، الكحول الصناعي، الكحول الطبي ).

والسؤال غير البريء الذي يغمز به العارفون..، هو: لماذا لم يُستطع القائمين في قطاعنا الصناعي العام، تسويق هذه المخازين ومنها ما يمكن أن يكون حصري به، في الوقت أن مثيلاتها في القطاع الخاص، لا تقبع في المخازن…!؟./.

02/03/2019
عدد المشاهدات: 9531
اسعار صرف العملات
www.syria-ex.com




إقرأ أيضا أخبار ذات صلة