“سلع الأكل آخر المتضررين”..بهذه العبارة يلخص أحد باعة الأجبان والألبان حالة الاطمئنان لدى نظرائه في سوق باب سريجة، التي تقدم الغذائيات واللحوم والخضار والفواكه، فالزبائن من وجهة نظره لا يمكن أن يتوقفوا عن استهلاك منتجات هذه السوق، لكن وضع العصي في العجلات مستمر فيها كغيرها من الأسواق، فغياب الرقابة على الأسواق، أغرق باب سريجة بالمنتجات المهربة والمنتهية الصلاحية والفاسدة.

بينما ينشغل أحد باعة سوق البزورية الشهير بتحضير ما يلزم من خلطة الزهورات لأحد الزبائن، يتحسّر على ما آلت إليه أوضاع السوق من ركود نتيجة انعكاسات الأزمة الجارية، فهو لا يرى مبررا لاستمرار هذا الركود، إذ لا نقص يذكر في المواد الأولية التي يطلبها الزبائن، كما أن المطاحن الداخلية الخاصة التي كانت تزود السوق بمنتجاتها عادت للعمل، مبيناً أن تراجع طلب المحال التجارية من البضائع من أطنان إلى بضع مئات، نتيجة قلة الطلب من جهة، وعدم استقرار الأسعار من جهة أخرى.

في البزورية، وحيث يغسل السوريون أنوفهم برائحة البهارات والزهورات والأعشاب المختلفة، يستفيد التجار من موقعه، الذي يمتد بين قصر العظم وسوق الصاغة القديم شمالاً إلى سوق مدحت باشا، مقابل فتحة حارة مئذنة الشحم جنوباً..، يقول محمد زهير بائع البهارات، الذي يؤكد أن السوق نجحت في عبور الأزمة، واستمرت شأنها شأن أغلب أسواق العاصمة في خدمة زبائنها على أكمل وجه.

ما إن تلقت سوق الحميدية الشهيرة بتجارة الملابس والأثاث المصدف والعباءات، والسجاد وغيره، ضربة تراجع أعداد السياح العرب والأجانب، حتى نالت منها الضربة الثانية المتمثلة في نقص التوريد من مصانع حلب، التي توقفت بفعل الأزمة، هكذا تبدو الأمور بنظر محمد عبد المنعم بائع الملابس النسائية والعباءات، بيد أنه يلمس بأن تجارته إلى تحسن منذ قرابة العامين، مبررا ذلك بارتفاع حجم الطلب والإيرادات.

وفي الوقت الذي انشغلت فيه ابنتها العروس باختيار ما يلزمها من ملابس، التقطت أم كنان أنفاسها، وتذكرت كيف أنها جهزت لإحدى بناتها قبل الأزمة بتكاليف لم تزد على الـ60 ألف ليرة سورية. أما اليوم، فإن الجهاز نفسه يحتاج إلى أكثر من 400 ألف، وتعود لتستدرك حديثها على مسمع التاجر، حتى لا نظلم هؤلاء (التجار)، فليست كل هذه الزيادة هي أرباح تعود إلى جيوبهم، لأن تكاليف المواد الأولية والتصنيع وأسعار الصرف ترفع الفاتورة إلى الحد الذي لم يعد بمقدور الشباب معه أن يتزوجوا..!!

وتحيط سور وأبواب دمشق القديمة الأسواق كما يحيط السوار بالمعصم، فهناك أسواق.. العصرونية (مستلزمات المطبخ والأواني)، والمناخلية والقباقبية المناخلية والقباقبية تنتج المناخل والغرابيل والقوالب الخشبية المختلفة للمستهلك المحلي، وقلّ الطلب على منتجات هذه الأسواق نتيجة قلة استعمال الأدوات التي تنتجها، إذ إن أغلبها أصبح أقرب إلى التراث، وسوق باب توما، التي تبيع الخرداوات والتراثيات المعتمدة على الصناعات اليدوية التقليدية، كالإكسسوارات والجلديات، و السوق الطويل أو سوق مدحت باشا، التي تبيع النسيجيات والأقمشة، وتتفرع عن هذه السوق أسواق الحرير الصوف، الخياطين، وهناك أيضا أسواق الحمرا والشعلان والصالحية والجسر الأبيض وغيرها..

مدير حماية المستهلك في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك الدكتور حسام نصر الله، يقول بأنه ومن خلال جولات المفتشين على الأسواق خلال سنوات الأزمة، تبين ان الأسواق التقليدية القديمة حافظت على أداء مستقر نسبيا قياسا بنظيرتها الحديثة؛ وهذا راجع لطبيعة المنتجات والخدمات التي تقدمها. فثمة إرث تسوق تناقلته الأجيال من دمشق والمحافظات يقوم على تصنيف السوق بناء على السلع أو الخدمات التي تقدمها فهذه سوق الذهب وتلك سوق الصوف أو الحرير بل إن هناك أسواقاً على أساس الجنس كسوق النسوان او الحومل او الوحمانات وهكذا..

يشار إلى أن ظاهرة الأسواق العشوائية والبسطات ظلت تمثل مشكلة كبيرة تقض مضاجع عديد الجهات الرسمية والخاصة، وأكد عضو المكتب التنفيذي لمحافظة دمشق فيصل سرور، أنه تم مؤخرا تشكيل لجنة برئاسته لإعداد دراسة لتخصيص سبعة أسواق مجانية لتنظيم البيع العشوائي وتسهيل الرقابة على ان تفتتح بحلول الصيف المقبل، علما بأن المحافظة تلقت عديد الاعتراضات حول هذه الأسواق من لجان الأحياء والأهالي




إقرأ أيضا أخبار ذات صلة