2020-09-30
في نيسان 2020، أي بعد شهر واحد من إعلان منظمة الصحة العالمية "WHO " عن الوباء، حذّر برنامج الأمم المتحدة للغذاء "WFP " من تضاعف عدد البشر الذين يعيشون حالة جوع حاد حول الكوكب في نهاية العام بسبب كوفيد-19، مالم "تتخذ إجراءات عاجلة ". وقد صدر تقرير عن "الشبكة العالمية لمناهضة أزمة الغذاء " - التي تجمع برنامج الأمم المتحدة للغذاء مع منظمة الغذاء والزراعة FAO مع الاتحاد الأوربي - يقول بأنّ الوباء سيؤدي إلى أعلى مستوى انعدام أمن غذائي منذ 2017.

لم تحتل أيّ من هذه التقارير الصفحات الأولى للأخبار. وقليل هم الذين نبهوا لحقيقة أنّ الأزمة لا دخل لها بإنتاج الغذاء - بما أننا نملك ناتجاً غذائياً يكفي لإطعام الجميع حول العالم - بل هي أزمة لا مساواة اجتماعية. كان يجب أن تحتل أزمة وباء الجوع انتباه جميع الدول، لكنّها لم تفعل. فإذا استثنينا بضعة دول مثل الصين وفيتنام وكوبا وفنزويلا، قليلون هم الذين أطلقوا برامج إطعام واسعة النطاق لمنع حدوث مجاعة.

بعد كلّ هذه الأشهر من الوباء، لا يزال الجوع مشكلة متزايدة. في أيلول صدر تقرير جديد عن الشبكة العالمية لمناهضة أزمة الغذاء يتحدث عن تعمّق الأزمة. حذّر مدير منظمة الغذاء والزراعة من "مجاعة تلوح في الأفق " في الكثير من أجزاء العالم، تحديداً في بوركينا فاسو وجنوب السودان واليمن. يقدّر اليوم أنّ واحداً من كلّ شخصين حول العالم يعانون من الجوع.

اليمن التي تواجه حرباً مدعومة بشكل كلي من الغرب وصناعاته للسلاح، قال عنها الأمين العام للأمم المتحدة غوتيرش: "دمّرت الحرب حياة عشرات ملايين اليمنيين ". ومن المهم أن نفهم أنّ تعداد سكان اليمن عندما بدأت الحرب في 2015 كان فقط 28 مليون، أي أنّ "عشرات الملايين " يعني جميع سكان اليمن تقريباً. لقد جلبت الحرب الجوع إلى اليمن.

كما تغيب الحرب الدائرة في الكونغو عن الضمير العالمي بدورها، والتي يدفعها بشكل كبير وجود موارد هائلة في البلاد، مثل الكوبالت والكولتان والنحاس والماس والذهب والنفط واليورانيوم. الحرب والمشاكل الاقتصادية والأمطار الشديدة وضعت 21.8 مليون إنسان "من أصل عدد سكان 84 مليون " في جوع شديد في كانون الأول 2019، وهي الحالة التي ساءت بعد انتشار كوفيد-19. المؤشرات الاجتماعية في الكونغو مزرية: 72% من السكان يعيشون تحت خط الفقر، بينما يعيش 95% دون كهرباء. هذان الرقمان لا يتناسبان مع الثروة المقدرة للبلاد بـ 24 ترليون دولار. قليل من هذه الثروة يذهب لصالح شعب الكونغو.

في 1960 عندما أعلن رئيس وزراء الكونغو بياتريس لومومبا استقلال بلاده عن بلجيكا، قال: "استقلال الكونغو خطوة حاسمة تجاه تحرير كامل القارة الإفريقية ". لكن جرى اغتيال لومومبا على يد الكتلة الإمبريالية في 17 كانون الثاني 1961، وتمّ تسليم البلاد إلى الشركات الغربية متعددة الجنسيات.

المجاعات التي تضرب في الدول والأماكن المتعددة ليست نتيجة قلّة الموارد. فلدى الكونغو كمثال 80 مليون فدان صالح للزراعة "32,374,851 هكتار "، والتي يمكنها إطعام ملياري إنسان لو أنّها مزروعة بمحاصيل غذائية بوسائل صديقة للبيئة. لكن وحتّى الآن، فقط 10% من أراضي البلاد الصالحة للزراعة يتم استغلالها. في الوقت الذي تنفق فيه البلاد 1.5 مليار دولار سنوياً على استيراد الأغذية، يمكن استغلال هذه الأموال للاستثمار في القطاع الزراعي حيث تقوم بمعظم الأعمال نساء من "مزارعات الكفاف " اللواتي يملكن أقلّ من 3% من الأراضي المزروعة. أدّى افتقار العمّال الزراعيين والمزارعين إلى القوّة إلى نشوء نظام غير متوازن يمنح امتيازات لعدد قليل من شركات الأعمال الزراعية العملاقة على حساب التعاونيات والمزارع الأسرية.

يأخذنا هذا إلى الهند التي قدمت فيها الحكومة اليمينية ثلاثة مشاريع قوانين لم يسمح بمناقشتها في البرلمان حتّى. ورغم محاولة تسويق هذه القوانين على أنّها تخدم المزارعين الصغار، إلا أنّها تطبق سياسات تعطي الميزات لشركات القطاع الزراعي. تضع القوانين الجديدة كامل النظام الزراعي في أيدي "التجّار "، ما يعني بأنّ الشركات الكبرى ستضع الآن الشروط والأسعار والكميات. يترك عدم التدخل الحكومي المزارع العائلية تحت رحمة الشركات الكبرى التي تملك سلطة كبرى لا ينازعها فيها أحد اليوم. سيؤثر هذا سلباً على إنتاج الغذاء وسيسهم دون شك بإفقار المزيد من المزارعين الصغار والعمّال الزراعيين في الهند.

كلّما اشتدّ الجوع، تشتدّ الهجمات على الذين يزرعون وعلى التربة. ولهذا ليس من المستغرب قول الكثير من المزارعين بأنّ الجوع سيقتلهم قبل أن يفعل الفيروس. هذا الشعار مألوف للعمال الزراعيين والمزارعين من الهند إلى البرازيل. حيث يتم قطع الأشجار وتسميم التربة بالأسمدة الصناعية من قبل الشركات الزراعية.

الجوع يتعمّق حول العالم رغم وفرة الإنتاج الزراعي. السبب هو جامعو الربح الجشعون.

عدد المشاهدات: 83626
سوريا اكسبو - Syria Expo




إقرأ أيضا أخبار ذات صلة