2020-11-30
أدَّت أزمة الليرة التركية الحاصلة منذ عام، إلى استمرار الأتراك في شراء الذهب، وقد تشكل الرغبة السائدة الآن بين الأتراك لامتلاك السبائك خطراً، قد يتحوَّل إلى عبء على الليرة في الوقت الذي تحاول فيه جاهدةً الانتعاش، واستعادة الزخم.

وخلال الأسبوعين الذين تبعا قيام الرئيس "رجب طيب أردوغان "، بتطهير الرُّتب القيادية، التي تم إلقاء اللوم عليها في الفشل بتثبيت الليرة، واستنزاف الاحتياطيات، أضاف مستثمرو التجزئة والشركات التركية ما يُعادل 2.2 مليار دولار إلى أملاكهم من الذهب، مما أدى إلى ارتفاعها إلى 36.4 مليار دولار، أو ما يقرب من ثلاثة أضعاف، بالمقارنة مع مجموع العام الماضي بحسب ما أظهرت بيانات البنك المركزي.

وعلى الرغم من انخفاض أسعار السبائك هذا الشهر، والتحوُّل التاريخي في الليرة؛ فإنَّ حماسة الأتراك لامتلاك الذهب لا تزال قوية، لكن نظراً إلى أنَّ واردات الذهب تُمثِّل الآن غالبية عجز الحساب الجاري؛ فإنَّ عمليات شراء الذهب تقف حجرة عثرة أمام إصلاح تركيا لاختلالاتها الخارجية، على الرغم من تبني سُلطاتها نهجاً ودِّيَّاً تجاه السوق، طالما كان المُستثمرون الأجانب يطوقون إليه.




وقال "دوجوكان جيجيك " المدير التنفيذي لتطوير الأعمال في شركة "تروي للمعادن الثمينة "، ومقرها إسطنبول في وقت سابق، "نرى طلباً ثابتاً على الذهب من قبل المُستثمرين المحليين، حتى بسعر أعلى من الأسعار العالمية -والأسباب الرئيسية وراء هذا الطلب، هي مُعدلات الإيداع غير الجذابة، بالإضافة إلى انعدام الثقة بالليرة التركية. إنَّ التراجع في الأسعار العالمية للذهب يُنظر إليه أيضاً، على أنه فرصة لأولئك الذين يعتقدون أنَّ قصة الذهب لا تزال بعيدة عن نهايتها ".

يُذكَر أنَّ تركيا تُعد من أكبر مُستهلكي المعادن الثمينة في جميع أنحاء العالم، إذ يستخدم الأتراك الذهب لحمايتهم في أوقات انخفاض قيمة العملة والتضخم، وتقليدياً يهبونه كهدايا في مُناسبات عدة، كحفلات الزفاف، ومراسم الختان.

وفي الوقت الذي يكسد فيه المُشترون المحليون الذهب، يقومون بزيادة مشترياتهم من العملات الأجنبية أيضاً ، لأنَّ الودائع بالعملات الصعبة، قد زادت بمقدار 34.5 مليار دولار، لتسجل مبلغ 228.2 مليار دولار في هذا العام.

وأضاف الأتراك أيضاً مبلغ 3.94 مليار دولار إلى مدَّخراتهم من العملات الأجنبية خلال فترة أسبوعين حتى تاريخ 20 نوفمبر.

تحديد سعر الذهب
أثبتت العادات المحلية صعوبة كسرها عندما يتعلق الأمر بالذهب حتى بعد أن ارتفعت قيمة الليرة التركية بنسبة 10% في الأسبوع الذي تبع الإطاحة بمُحافظ البنك المركزي، وشهد استقالة صهر أردوغان من منصب وزير المالية، وعلى الرغم من ذلك فقد شهدت العملة التركية نمواً أقل استقراراً خلال الأيام القليلة الماضية، مع أنَّ البنك المركزي، قام برفع سعر الفائدة بأكبر مقدار منذ أكثر عامين، واتَّخذ إجراءات أخرى من شأنها تهدئة طفرة الإقراض.

وكانت العملة التركية قد فقدت 25% من قيمتها خلال هذا العام، مما يجعل هذا الأداء، ثاني أسوأ أداء في الأسواق الناشئة بعد البيزو الأرجنتيني. في حين انزلق سعر الذهب في شهر نوفمبر بعد هبوط استمر مُدة ثلاثة أشهر، لكنه لا يزال مُرتفعاً في هذا العام بنحو 19% بعد وصوله إلى مستوى قياسي في شهر أغسطس.

وإلى جانب انخفاض قيمة الليرة التركية، قدَّم المعدن الثمين للمستثمرين المحليين عوائد أفضل من السندات، أو من المؤشر القياسي للأسهم benchmark index في تركيا.




وليس الأتراك العاديون وحدهم، من يجدُ العزاء في السبائك، بل انَّ البنك المركزي أيضاً يواصل تكديس احتياطاته من الذهب، مما رفع خلال الشهر الماضي مُقتنياته إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق. ووفقاً لبيانات بورصة إسطنبول، فإنَّ واردات تركيا من الذهب في طريقها لتحقيق أكبر قدر لها منذ عام 2017.

وبالنظر إلى أنَّ المستثمرين الأجانب لا يزالون حذرين من الأصول التركية؛ فإنَّ التحدي الذي يواجه أردوغان وفريقه الاقتصادي الجديد، يتمثل في إبعاد الناس عن الذهب على أمل بعث ثقة كافية في الليرة.

من جهته، قال المحلل الاستراتيجي المُستقل للسوق في إسطنبول "إيفرين كيريك أوغلو ": "إنَّ الطلب على الذهب يعني مطالبة العملات الأجنبية بشرائه، وهذا يُشكل إحدى العقبات أمام ارتفاع قيمة الليرة ".

المصدر: بلومبيرغ

عدد المشاهدات: 90934
سوريا اكسبو - Syria Expo




إقرأ أيضا أخبار ذات صلة