ماهي الهوية الأنسب للاقتصاد السوري لمرحلة ما بعد الحرب، هل يجب أن يكون للدولة والقطاع العام الدور الأبرز في مرحلة إعادة الإعمار، أم أن على الدولة أن تفسح المجال للقطاع الخاص وتنسحب من مهماتها لصالح رأس المال ؟

سؤال كبير تجيب عنه الدكتورة لمياء عاصي وزيرة الاقتصاد السابقة، د. لمياء عاصي بالقول إن تحديد دور الدولة التدخلي , وإعادة صياغة المؤسسات المملوكة للدولة والقدرة الشرائية للفرد، مع أن تكون البوصلة هي القدرة الإنتاجية , كل ذلك أهم من تحديد هوية الاقتصاد السوري , فاقتصاديات الدول تقاس بشكل أساسي بالناتج الاجمالي المحلي, ونسب التشغيل, ودخل الفرد السنوي ومؤشرات أخرى كثيرة .

وأوضحت عاصي بأن الاقتصاد السوري حين كان "اشتراكياً" تجلت أهم سماته بملكية الدولة للمؤسسات وتقديم الدعم للمواد الغذائية والمحروقات , أما اقتصاد السوق الاجتماعي ( الذي تم اعتماده لاحقاً) فلم يكن سوى انفتاح تجاري استفاد منه التجار والأغنياء على حساب الطبقات الفقيرة والمتوسطة مثل صغار الملاك والعمال في الورشات الصغيرة .

وتضيف عاصي بأن ثمة تحديات صعبة تراكمت على هذا الاقتصاد قبل الحرب، وخصوصاً البطالة , ومؤسسات القطاع العام الخاسرة, وغياب استرتيجية واضحة لمكافحة التهرب الضريبي, التهرب الجمركي والفساد الذي يرفع كلفة المعاملات والمشاريع وبالتالي الأموال كركن أساسي لتحقيق التنمية بكل أنواعها , لافتةً إلى أن اقتصاد السوق الاجتماعي لم يساهم بحل أي من تلك المشكلات التي أسهمت بدورها في زيادة العجز التجاري والمالي وتعثر الاستثمار المحلي والاجنبي في البلد .

الوزيرة السابقة والخبيرة الاقتصادية، اعتبرت أن هناك عدة نقاط يمكن الارتكاز عليها لتحديد هوية الاقتصاد السوري منها :

أولاً : دور الدولة التدخلي والقوي لضمان الجودة والالتزام بالقوانين، فليس من الضروري أن تكون الدولة مالكا أو تاجراً .., يكفي أن تتولى دور المشرع والمنظم , لتكون القوة التي تطبق القانون بفعالية .

ثانياً : الكفاءة الانتاجية، وهذا يعني أن تكون تكلفة المنتج أقل ما يمكن من المدخلات من مواد أولية وخلافه , وأن يكون عمل المؤسسة وتقييمها مرنبطاً بكفاءتها وليس بالمحسوبيات .

ثالثاً : إعادة هيكلة مؤسسات الدولة، لناحية قوانين تأسيسها أو العلاقات فيما بينها و الكوادر البشرية القائمة عليها , ومراجعة استثمارات وقيم أملاك الدولة , بحيث أن وزارة الصناعة مثلا يجب أن تكون مرجعا تشريعيا لكل مؤسسات الاقتصاد الوطني من القطاعين العام و الخاص .

رابعا : الموازنة العامة، و يجب أن تتماشى مع استراتيجية الدولة , وليست انكماشية وتقشفية وقدرة شرائية منخفضة للفرد, حتى اعتبر اكثر من 80% من الأفراد في سورية قريبون من خط الفقر , هذه سياسات لا تؤدي إلى نمو اقتصادي ولا إلى تنمية اقتصادية واجتماعية .




إقرأ أيضا أخبار ذات صلة